الأربعاء، 1 فبراير 2012

هل سيطول الاعتصام لو كان المعتصمون من سكان شندى او كريمة


أكثر من سبعين يومًا مرت على أشهر اعتصام تشهده البلاد إن لم يكن الأشهر على مستوى العالم وذلك حينما لجأ المناصير أصحاب الخيار المحلي إلى فكرة الاعتصام السلمي أمام مقر امانة حكومة ولاية نهر النيل بمدينة الدامر في الميدان الذي أطلقوا عليه اسم «العدالة» للمطالبة بتحقيق مطالبهم المتمثلة في توطينهم حول بحيرة سد مروي ورفضهم السكن في القرى النموذجية التي أنشأتها وحدة سد مروي، وطيلة هذه الفترة لا يزال المعتصمون يتمسكون بموقفهم ويراهنون على صمودهم وقهرهم وتحملهم للصعاب ومن ضمنها ليالي الشتاء الباردة وهم يواجهونها بأجسادهم النحلية وتجهيزاتهم المتواضعة التي لا تتعدى أغطية خفيفة قد لا تقي موجة البرد هذه الأيام، إلى جانب ذلك فهم يفترشون الأرض داخل خيمة تتراوح مساحتها بطول 30 مترًا وعرض «10» أمتار، ومن بينهم شيوخ تجاوزوا الثمانين من العمر وشباب يُظهرون تحديًا واضحًا للوصول إلى الهدف، وما بين هؤلاء وأولئك تظل القضية هي القاسم المشترك الذي جمع كل أطياف المناصير وقياداتهم تحت راية مجلس المتأثرين ومن دون ذلك يعتبرون من «الكرزايات» حسب وصفهم، ولم تمنع هذه الأوضاع المعتصمين من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي فكانت حالة من التضامن والتماسك بين المجموعة المعتصمة كأسرة واحدة حيث تكيف مجتمع المعتصمين الذين قرروا أن تستمر عجلة حياتهم كالمعتاد حيث شهد الميدان عقد عدد من الزيجات، وفتح الاعتصام الباب أمام حركة تجارية لتغطية جزء من احتياجات ومتطلبات المعتصمين حيث انتشرت بائعات الشاي اللائي حصدن الزبائن بسبب برودة الطقس، ورجال يتسامرون، يحكون مواقف وذكريات البلد ويؤكدون أن أرضهم عزيزة ولا يمكن مفارقتها بهذه السهولة وأنه لا يضيع حق وراءه مطالب مهما طال الزمن، وعلى غرار ما حدث ببعض الدول العربية أو ما عُرف بالربيع العربي تم اختيار يوم الجمعة من كل أسبوع حدثًا فريدًا يكون منبرًا للمتحدثين فضلاً عن خطبة الجمعة والزيارات التي يقوم بها عدد من القيادات والأصدقاء للمعتصمين وغالبًا ما تُخصَّص للحديث عن الظلم والعدل والراعي والرعية، فكانت الاستهلالية بجمعة المناصرة فالعدالة ثم البيان حتى بلغت عشرًا كان آخرها الجمعة الماضية والتي عُرفت بجمعة العزم، ومن خلالها طالب خطيب الجمعة رئيس الجمهورية برفع الظلم عن المعتصمين وتحقيق مطالبهم وإعادة النظر في سياسة وحدة السدود التي حمّلها نتيجة ما تعرض له المناصير من خسائر مادية فادحة وتلكؤًا في تنفيذ قرار رئيس الجمهورية، على أن سلاح الدعاء عقب الصلاة كان واضحًا والكل يرفع كفّيه إلى السماء راجيًا فتحًا من الله ونصرًا قريبًا وأن يُرفع الظلم عنهم، عقب ذلك تحدث الأستاذ أحمد عبد الفتاح رئيس لجنة المتأثرين مؤكدًا أن الصراع الدائر الآن يدور بين حكومة الولاية التي وصفها بالعاجزة عن الحل وبين الحكومة المركزية مبينًا أن اللجنة التي كوَّنها والي الولاية الفريق الهادي تعتبر فاقدة السند والصلاحية وأنها لن تُحدث تغييرًا مشيرًا إلى عدة تجارب مماثلة بقوله «لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين» مستدلاً بقول الفيلسوف انشتاين «من الغباء أن تتبع الخطوات السابقة وتتوقع نتائج مختلفة»، وحين حاولت حكومة ولاية نهر النيل التقليل من شأن اعتصام المناصير في بدايته ووصفه بعدم القانونية سارعت لجنة المتأثرين بتفنيد بيانات الولاية حتى أصبح الاعتصام واقعًا في ناظر الحكومة مما جعلها تقر بأنه مبرَّر وصولاً للمسودة التي وصفها بعدم المقدرة على حل القضية متعهدًا بعدم التفاوض «إلا مع من يملك القدرة المالية والقانونية»، وحول ما إذا كانت هناك مساعٍ للحل أقر عبد الفتاح بوجود عدة مبادرات قال إنها لا ترتقي للحديث عنها أو إنها ما زالت أحاديث، غير أنه قطع بأن الحل بيد رئيس الجمهورية، وذلك بأن يحول الصلاحيات القانونية والإدارية عن وحدة السدود إلى مفوضية من الأطراف الثلاثة «الحكومة المركزية وحكومة الولاية وممثلين من المتأثرين»، وما يُحمد للسلطات الولائية أنها لم تستخدم القوة لفض اعتصام المناصير، غير أن الرشيد الأفندي مسؤول الإعلام بلجنة المتأثرين أكد لـ«الإنتباهة» أن «قضيتهم مطلبية وأنهم لن ينفضّوا مهما كانت الأسباب إلا في حالة الاستجابة لمطالبهم»، وأضاف: «قضيتنا مطلبية ليس لها علاقة بالسياسة ولا تحرِّكنا أي جهة داخلية أو خارجية، إنما تحرِّكنا مطالبنا وحقوقنا وهي حزبنا»، وأشار إلى أنهم ظلوا في حوار مع الحكومة استمر لأكثر من عشرة أعوام لم تلتزم الحكومة بتنفيذ الاتفاقات بعد أن أقرت بالخيار المحلي، وكشف أن أعداد المعتصمين تزداد يوميًا، وأن الخيارات مفتوحة حتى تحل المشكلة وأولها إنشاء مفوضية للتهجير والتوطين في الخيار المحلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق